الترجمة لسان العالم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 ترجمـة الأعمال الأدبيـة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
SADOUN
Admin
Admin
SADOUN


انثى الجدي عدد المساهمات : 1177
تاريخ التسجيل : 03/04/2009
العمر : 37

ترجمـة الأعمال الأدبيـة  Empty
مُساهمةموضوع: ترجمـة الأعمال الأدبيـة    ترجمـة الأعمال الأدبيـة  Emptyالأربعاء 17 أغسطس 2011 - 15:16

ترجمـة الأعمال الأدبيـة


د مسلك ميمون


لعلّه من المفيد الإشارة بادئ ذي بدء أنّ كلّ نوع من أنواع الترجمة له خصائص ينفرد بها و بخاصة إذا تعلق الأمر بين ترجمة نصوص علمية و أخرى أدبية .

إذا كانت النّصوص العلمية تتطلب الدّقة في اختيار المصطلح . و الإلمام التّام بالموضوع العلمي محطّ الترجمة . فإنّ النص الأدبي يتطلب سعة الخيال و دقة التعبير ، و حسن التّحكم في اللّغة ، و مدى الإلمام بجناسها و اشتقاقها ، و اختلاف تراكيبها و بنائها … و من تمّ ينبغي الفهم أنّ الترجمة ليست عملية نقل آلي من لغة إلى أخرى . و أنّ المترجم ليس ناقل أفكار غيره أو مشاعره . بل الترجمـة الأدبية هي فوق هذا و ذاك عملية إبداعية.والمترجم مبدع كباقي المبدعين . في كلّ ما يترجم مـن نصوص (( مبدع في لغة أخرى ، أو على الأصح ، مبـدع في اللغة . و من أجل ذلك ، فلا يكــــون عليه أن ينقـــل النص الأصلي و ينسخه ، و لا أن يهتم بتبليغ مـعناه الأصـلي ؛ إذ " لا علاقــة للترجمة بالتبليغ و الإخبار " [1] مهمــــة المترجم هي أن يسمح للنص بأنْ ينقل من ثقافة إلى اخرى ، و أن يمكِّنه من أن يبقى و يدوم ، و لا معنى للنقل إن لم يكنْ انتقالاً ، و لا للبقاء إن لم يكن تحـولاً و تجدداً، ولا للتجديد إنْ لم يكن نمواً و تكاثراً . )) [2]

و صفة الإبداع تبدأ من البداية حين يختار النّص الأدبي للترجمة . فعمليــــة الاختيار ليست عبثيـــة ، أو اعتباطية … فلاشكّ أنّ النّص خاطب مشاعر المترجم . و حرّك أفكاره . بل دفعــه للعمل و الحوار . و الترجمة عملية محاورة بين النّص و المترجم . و ككلّ حوار قد يؤدي الأمر إلى توافق و انسجام . و قد يختل ذلك لسبب أو آخر . و عموماً فالترجمة تكون في الغالب تلبيــة لدافعين اثنين : جمعي أو ذاتي . فإذا كان الدافع جمعياً كان متضمناً لكلّ ما هو ذاتي . أما إذا كان ذاتياً ؛ فتصبح الترجمة ذات صبغـــة حميمة تستجيب بشكل أحادي لرغبات و متطلبات المترجم . و في كلا الحالتين يبقى عنصر الإبداع وارداً .

و لإنجاح التّرجمة . و المحافظـــة على جوهــر النّص و معطياته … ينبغي فهمه و استيعابه . لأنّ النّص الأدبي له خصوصيات قد لا نجدها في غيره من النّصوص.فكلّ نص أدبي يتضمن رؤية للحياة بل هو رؤية الكاتب الخاصة للعالم . ثمّ إنّه إيحاء و إيماء . و فيه الشّكل يصبح غاية لا تتجزأ من المضمون . ثم إنّه يحتمل عدة قراءات لتعدد معانيه و هي عملية ليست بالسّهلة دائماً ؛ و بخاصة أنه ضـرب مـن المجــاز و الكنايــة و الاستعارة … و لهذا فترجمة نصّ أدبي لا تعني فقط البحث عن المقابل اللّفظي في المخـــزون الذّاتي الثقـــافي أو في القاموس. و لكن الأمر يتعلق بعمق الإدراك و الفهم لمقتضيات النّص و بعملية الغوص في متاهات التعبير و استغلال القدرة على التّخيل . وذاك هـو الإبـداع الحقيقــي في الترجمــــة الأدبيــة .

كما أن‎ّ عملية الرّبط بين الجمل و الفقرات في كلّ اللّغات تكتسي أهمية بالغة . و في الترجمة يصبح الرّبط مفيداً في المحافظة على المعنى و إيصاله من جهة ؛ و المحافظة على روح النّص كما أراده المؤلف من جهة أخرى . و لعلّ الرّبط وحده لا يكفي و بخاصة إذا علمنا أنّ المترجم مطالب بفصاحة التعبير ، و بلاغة التركيب . و حسن اختيار اللّفظ الملائم . مع مراعاة دلالــة الألفاظ في اللّغة المترجم إليها . و الحــــرص على الإبانة و الوضوح …و الأمر في الترجمة الأدبية لا يقتصر على النثر، من : نثر فني و قصة و رواية و مسرح ، أو نقد و تنظير…فقد تهتم الترجمة الأدبية بالشّعر؛و في ذلك إشكال كبير تلخصه الدكتـــــــورة سسامية أسعد في مجموعة من الأسئلة : [3]

ـ هل نترجم النص ترجمة حرفية ، أي ننقل كلماته و جمله أم لا ؟ و هل ننقلها بنفس الترتيب الذي وردت به في النص الأصلي أم لا ؟

ـ هل نترجم الشعر الموزون المقفى إلى شعر موزون مقفى ؟

ـ ما الذي يمكن أن نترجمه : المعنى ، أم الصور ، و الإيقاع ، و الموسيقى ؟

ـ هل ننقل النص نقلاً أميناً أم نخونه بطريقة ما ؟

و تجيب باختصار Sad( و مترجم القصيدة يمكن أنْ يترجمها نثراً أو شعراً … بشرط أن يحتفظ بجوهرها ، أي بالعناصر المكونة لشاعريتها ، و ألا يترجمها كما لو كانت نثراً .)) [4]

و في كلّ ذلك إبداع لا يمكن تجاهله أو إغفاله .غير أنّ الإبداع لا يظهر و يعمّ و يحتدّ أواره إلا بحركة دائبة مستمرة تجعل من الفعل الترجمي ظاهرة حقيقية واقعية … و هذه مسألة تكاد تغيب في الوطن العربــــــي قياساً لما هو عليه العالم الغربي . و قد تنبه إلى هذا الأستاذ محـمد عبد الغني حسن منذ الستينات القــــرن الماضي إذ قال في كتابه : (( الترجمة في الأدب العربي )) ( لعلّ من أغرب الأمور أنّ " فنّ الترجمة " لم يعالج في الإنتاج العربي بكتاب واحد ، على كثرة ما عولجت به فنون أدبية أخرى . و أنّ ما كتــــــب عن التّرجمة و النّقل من حيث الفن و الشّروط و أسلوب النقل لم َيعد أن يكون إشارات و آراء موجــزة هي أقرب إلى اللّمحة الخاطفة منها إلى الدراسة المتعمقة . ) [5]

فإنْ كنا نلاحظ في العالم العربي حركة في الترجمة ؛ فهي بطيئة و ضئيلـة . و لا تلبي كلّ حاجيات المثقف الـعربي . و بخاصـة أنها تعتمـد في الغالب لغتين اثنتين من الإنجليزية و الفرنسية إلى العربيـة . و هـذا يـعود لثقافتي الاستعمارين الفرنسي و الإنجليزي : الفرنسي في شمال إفريقيا و بخاصة دول المغرب العربي : المغرب و الجزائر و تونس . و الإنجليزي في دول المشرق العربي و بخاصة مصر . و قد حدث أن وزع مترجمو الوطن العربي المسؤولية تلقائياً و بدون سابق اتفاق . و قد يبـدو هذا غريـباً : إذ اهتم المشارقة بترجمة الأعمال الإبداعية و السياسية و الفكرية . بينما اهتم المغـاربة بترجمة الأعمال الأدبية النقدية .ربما يلاحظ في ذلك تكامل و تعاون . غير أنّ نقصاً و اختلافاً يجـعل هذا التكامل و التعاون غير ذي بال . بل يجعل خطاب الترجمة يتقلّص و يضمر بشكل رهيب ما جعل أحد المترجمين في المغرب يقول : (( أصبح خطاب الترجمة يجد من العوائق ما يفرغه من مضمونه . و هي عوائق فيها اللّغــــــــــوي ، و المعـرفي ، و السيـاسي الأيدلوجي . و صارت الترجمة إلى العربية تكـاد تكون ضرباً من الخيال ؛ لانتفــاء شروط مزاولتها في الوطن العربي .و من وجـوه ذلك ما أصبحنـا نلمس من تباين وفرة الإنتاج المصطلحي الغربي و ركود المعجم العربي ، و كذا تباين العلـوم التي تتغذى عليها الترجمة ، تستوي في ذلك اللسانيات ، و الأسلوبية ، و المعجمية ، و العــراقة و الإنـاسة و الحياوة ….و زاد من من تعقد الإشكالية الترجمية الفروق التي لا تني تتسع بين الحضارتين المنقولة و المنقول إليها . )) [6]

نحن لا ننكر أبداً ما صارت إليه الترجمة في عصرنا كعملية أساسها اللّغـة . لقد شهــد القـــــرن الماضي (عملية تنظير ) في إطار الترجمة.بغية ضبطها في قواعد قد تعين المترجم في القيام بمهمته. إلى أن وجدت ( نظريـة الترجـمة ) بل و ( مناهـج الترجمـة ) … و في غير هــذا أصبـحت الترجمة مادة تدرس و أعــدت فيها بحوث و أطروحات ،و نيلت في إطارها شهادات عليا . و كلّ ذلك تبلور عنـه ما يعرف الآن ب ( علم الترجمة ) و هذا كلّه يثبت مدى الجهد الذي بُدل في الغرب سواء من طرف أدباء مترجمين ، أو من طرف مثقفين مترجمين مختصين … الشيء الذي ينبغي أنْ يكون عندنا في العالم العربي ؛كما كان في طفرة من طفرات تاريخنا ؛ حين أدرك سلفنا ما للترجمة من أهمية كبرى في بنـاء الحضارة . و إنعاش روح الثقافة و المثاقفة .

و في جميع الأحوال لا يمكن اعتبار الترجمة صورة طبقاً للأصل . فالأصل باق و الترجمة مآلها الزوال . لسبب لا يمكن إغفاله، و هو أنّ اللغة فبي تطور مستمر . و اجتهادات وإمكانات المترجمين متعددة و مختلفة و متفاوتة… و من تمَّ نجد للنّص الواحد عدة ترجمات وكلّها لا تغني عن العودة إلى الأصـــل في بعض مضانه و في ذلك ما يجسد الإبداع (( فالترجمة هي التي تنفخ الحياة في النّصوص ، و تنقلها من ثقافة إلى أخرى ، و النّص لا يحيا إلا لأنّه قابل للتّرجمة و غير قابل للتّرجمة في الوقت ذاته . )) [7]



خلاصة القول ؛ مهما قيل و يقال عن الترجمة فهي سبيل للحوار الثّقافي ، و تقارب للأفكار ، و فهـــــم للآراء . و منعرج خطير لتفهم لغة الذّات ، و لغة الآخر ، و هي فوق هذا وذاك التّجديد المستمر للنّص الأصل ، و الفن والإبداع اللّغوي ، و العلم و المثاقفة التي لا تنتهي .











[1] ـ w .Benjamin .’’ La tache du tradicteur ‘’ In Mythe et violence . trad M . de gaudilac / denoel . Paris . 1971. P 272

[2] ـ عبد السلام بنعبد العالي ، في الترجمة ، سلسلة شراع العدد40 ص 34

[3] ـ د سامية أسعد ، عالم الفكر ، المجلد 19 / العدد4 يناير فبراير مارس ـ ص 34

[4] ـ نفس المرجع ص 35

[5] ـ محمد عبد الغني حسن : فن الترجمة في الأدب العربي ـ الدار المصرية للتأليف و الترجمة ، مارس 1966 ـ ص3

[6] عبد الرحيم حزل ، أسئلة الترجمة ،سلسلة شراع العدد 55 ص 31ـ32

[7] ـ عبد السلام بنعبد العالي ، في الترجمة ، سلسلة شراع ، العدد 40 ص 45



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www.facebook.com/Langue.Traduction
 
ترجمـة الأعمال الأدبيـة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الترجمة لسان العالم  :: الترجمة واللسانيات :: دروس فـي التـرجمـــة-
انتقل الى: