أنت طالق إن لم تكوني أحسن من القمر...
كان عيسى بن موسى، يُحِبُّ زَوجَتُهُ حُبًّا شديدًا، فقال لها يومًا: أنتِ طالقٌ، إنْ لَم تكوني أحسنَ مِن القمر. فَنَهَضتْ، واحتَجَبَتْ عَنهُ، وقالت: قَد طَلّقتَني، فباتَ بليلةٍ عظيمة.
فلما أصبحَ غدا إلى المنصور، وأخبَرهُ الخبر، وقال: يا أميرَ المؤمنين، إنْ تَمَّ طلاقُها تَلِفَتْ نفسي غَمًّا، وكان المَوتُ أحَبُّ إليَّ مِن الحياة.
وظهر للمنصورِ مِنه جَزَعٌ شديد، فأحضرَ الفقهاءَ، واستفتاهم، فقال جميعُ مَن حضر: قد طُلِّقَتْ، إلا رجلٌ مِن أصحابِ أبي حنيفة، فإنَّهُ سَكَتْ.
فقال له المنصور: ما لكَ لا تتكلم؟
فقال: بسم الله الرحمن الرحيم: (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ * وَطُورِ سِينِينَ * وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ * لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) [التين: 1-4] فلا شيءَ أحسنَ مِن الإنسان.
فقال المنصور، لعيسى بن موسى، قَد فَرَّجَ الله - تعالى - عنك، والأمر كما قال، فأقِم على زوجتك. وراسَلَها أنْ أطيعي زَوجَك، فَما طُلِّقتِ.