SADOUN Admin
عدد المساهمات : 1177 تاريخ التسجيل : 03/04/2009 العمر : 37
| موضوع: هل الترجمة "علم" أم "تكنولوجيا الأربعاء 17 أغسطس 2011 - 13:34 | |
| هل الترجمة "علم" أم "تكنولوجيا" 1- أنصار أن الترجمة تكنولوجيا:
- الترجمة إنسانية: الترجمة هي مهمة الإنسان : لا يمكن دراسة الترجمة مثل عملية طبيعية مستقلة عن البشر
- ليس هناك حتمية في الترجمة: في قوانين الطبيعة مع طرح أي قضية (مدخل) يحدث تاثير (مخرج) حيث يُمْكِن هكذا التنبأ بما سيحدث في المستقبل إذا نشأت ظروف معينة. لكن في الترجمة لا يمكن معرفة كيف سيكون النص الهدف إنطلاقا من نص مصدر معين و يعود هذا بالأساس إلى إبداع البشر و قدراته و تأثير العمل في النتيجة النهائية.
- تُقاس الجودة ب "أحسن" أو "أسوأ": في قوانين الطبيعة يُقاس الناتج ب "ممكن: أو "غير ممكن". بينما في الترجمة لا توجد نتيجة واحدة ممكنة أو صحيحة. فإذا سلمنا بنتيجة واحدة صحيحة فإننا نعود إلى مبدأ و مفهوم التكافؤ المطلق. وتُـقـيَّم النوعية في كل مهمة ترجمة اعتمادا على متطلبات العملاء ومواعيد التسليم أو الاعتبارات الأخلاقية للمترجم بما يفضي إلى القول أن مجال دراسات الترجمة عملية مهنية و ليست عملية طبيعية.
- ينبغي لدراسات الترجمة التركيز على مشاكل المترجمين بدلا من النماذج النصية. وقد ركزت الدراسات على تحليل الخطاب والوظيفية و تجاهلت المشاكل اليومية للمترجم والاستراتيجيات الممكنة للتصدي لها. - الإديولوجية نقيض للعلم: إعتبر الكثير من الدارسين منهم سوزان باسنت و باربارا قودارد بأن الترجمة تعكس إيديولوجية و نظرة ما للعالَم بيد أن التفكير العلمي يجب أن يعكس الموضوعية و هذا ما يتنافى بشكل مباشر مع الإديولوجية.
و إجمالا فإن الترجمة حسبهم هي فرع من المعرفة يرتبط ب (دراسات الترجمة) و أن الهدف من المعارف التي تعنى بدراسة الترجمة يكمن في تطوير الإجراءات و التقنيات إلخ...و على أي حال لا ينكرون أنه يمكن إستنباط معرفة ما بواسطة التقنية لكن تدخل الإنسان يُـبعد الترجمة عن العلوم الطبيعية. و خلاصة فأن H2O تبقى دائما الماء لكن ترجمة نص ما يمكن أن تفضي إلى آلاف التراجم و لكن كلها صالحة.
2- أنصار أن الترجمة علم: - يرون أن التنبؤ ليس عاملا جوهريا في جميع العلوم الطبيعية. و يذكروننا بأنه في القرن العشرين ، أن الديناميات غير الخطية التي أُعتمدت من قبل نظرية الشواش أو ما يعرف ب (نظرية الفوضى أو العماء) تميزت بعدم القدرة على التنبؤ أي عدم وجود حتمية. و هم يرفضون التعريف التقليدي للعلم بالإنتقال إلى تعريف أشمل و الذي لا يرى أن الطبيعة كائن مغلق بل بالأحرى شيء لا يمكن التنبؤ به. فالبنسبة لهم من الضروري أن نفرق بين الديناميات الخطية و غير الخطية ففي الأولى يمكن التنبؤ بالحدث و بينما في الثانية و كما سلف ذكره، لا يمكن إستباق التأثيرات الممكنة أو المحتملة و هكذا يكون مفهوم العلم و الذي يستوعب المعارف أما ما خلاف ذلك فيبقى خارج السياق.
(TT) تفي بجميع متطلبات البحث العلمي. و عددوا في كتاباتهم أهم تلك المتطلبات و منها على وجه الخصوص:
- لنظرية الترجمة موضوع دراسة خاص بها.
- تصف نظرية الترجمة ذلك الموضوع.
- تحدد نظرية الترجمة طبيعة الحتمية و التي هي قائمة في أنشطة الترجمة.
- نظرية الترجمة قادرة على التنبؤ بالنتائج التي سيحدثها المترجم إنطلاقا من المعايير التي لديها.
و مما سلف ذكره فهم ينكرون أن تكون الترجمة تكنولوجيا و الخلاصة حسبهم هي: أن الرغبة بالقول أن الترجمة تكنولوجيا ينطوي على مخاطر كبيرة في تدريس الترجمة والترجمة الفورية. بالنسبة للبعض ، الترجمة وتدريس الترجمة طرق تكنولولجية و هذا نهج خطير جدا في حد ذاته.
ونظرا للانتقادات حول عدم إستعمال الأساليب التجريبية في بحوث دراسات الترجمة ، قالوا أن ذلك تم في الاتحاد السوفياتي السابق بالتعاون مع قسم علم النفس التجريبي. ويرون أيضا أنه إذا إعتمدت نوعية الترجمة على رضى الزبناء يكون ذلك أمرا خطيرا لأنهم في بعض الأحيان لا يمكنهم التمييز بين الجيد من الترجمة و السيء منها. لذلك يرون أنه من غير المقبول تلعيم طلاب الترجمة التفاوض على جودة الترجمة مع الزبائن.
و مجمل القول أن الطرفين يبتعدان عن التعريف الكلاسيكي أو التقليدي بإدخال تعديلات على دور الحتمية و كل واحد يتحجج بأن المنهجية العلمية قد تطورت على مر الزمن، وأن مفاهيم العلم والأساليب ذاتها قد تغيرت ألف مرة.
وكما ذكر أعلاه، فالمدرسة الألمانية Übersetzungswissenschaft أيضا، تميزت بمحاولة جعل الترجمة نشاطا علميا، بالاعتماد في ذلك على أساليب العلوم الدقيقة. و هنا نسلط الضوء بإيجاز على مساهمة ولفرام و يلس لأصالتها، ولكن عفا عليها الزمن كما أن المؤلف نفسه أضطر إلى تنقيحها.
فبالنسبة لهذه المدرسة فالتاكافؤ امر اساسي. في علم الترجمة The Science of translation 1992 يؤكد ويلس بأن القدرة على ترجمة نص مضمونة 100% بسبب وجود صلات عالمية بيد أن ويلس أخذ يعدل هذه الرؤية شيئا فشئا بإدخال عوامل كالحدس و الإبداع و بالتالي العامل البشري.
خلاصة:
إنطلاقا من رؤى الطرفين السابقين ، نشعر أن كل واحد يتبنى تعريف "العلم" حسب إحتياجاته وأذواقه الشخصية. فأولئك الذين دافعوا عن الطبيعة العلمية للترجمة، نلاحظ أن تطور أفكارهم، يستند إلى مفهوم العلم على نطاق واسع جدا. ومع ذلك، فمفاهيم القدرة على التنبؤ والحتمية لا تزال مركزية في فلسفة العلم والمقبولة على نطاق واسع من قبل المجتمع الدولي.
إذا سلمنا أن الترجمة علم فيجب القبول بإن نضعها في خانة و احدة مع الجاذبية و علم الفلك . و الإعتبار العلمي يستوجب ترجمة و احدة فقط مقابل كل نص. و هذا يقوض ما يروق لكل مترجم في مهنته و هو الإبداع و البحث عن الحلول الممكنة و أن ثراء اللغة يمكننا بأن نعبر عن فكرة واحدة بألف طريقة.
وإذا كانت الترجمة تكنولوجيا، فيُفهم على أنها النظام الذي يساعد على تحسين الأداء السليم لمهمة رشيدة. موضوع دراستها هو النشاط البشري الذي يؤثر فيه الإبداع و الذاتية و آلام الرأس و تعاطف المترجم مع الموضوع الذي يترجمه. على أن لا ننكر هنا حاجة الترجمة إلى بعض المعارف العلمية القادمة من تخصصات اخرى و لو على مستوايات محدودة جدا.
تبقى الترجمة في الواقع نشاط بشري و لا يمكن دراستها على أنها ظاهرة أو عملية طبيعية. لحسن الحظ لا يوجد حل وحيد لترجمة نص مصدر معين حتى لا يكون هناك أي حتمية أو قدرة على التنبؤ. | |
|