الهوامش
المسعودي: التنبيه والإشراف، طبعة دار ومكتبة الهلال المصورة، بيروت 1981، ص 262. والواقع أن هذا النص الخبري يثير إشكالاً: فحتى لو سلمنا بوجود ممثلين (من التجار في الغالب) للغات الأربع المشار إليها في المدينة، فإن زيد بن ثابت ما كان ليأخذ عنهم لغاتهم إلاّ شفاهاً، ولكن مكمن الإشكال الذي لا جواب عنه هو: كيف أتقن زيد الكتابة الأبجدية لتلك اللغات المتباينة عظيم التباين في خطوطها؟
(2) يروي ابن النديم في «الفهرست» (ص 3338 ـ 339) قصة هاتين المبادرتين على النحو الآتي: «نقل الديوان»، وكان باللغة الفارسية، إلى العربية في أيام الحجاج، والذي نقله صالح بن عبد الرحمن مولى بني تميم. وكان أبو صالح من سبي سجستان، وكان يكتب لزاد انفروخ بن ابيري، كاتب الحجاج، يخطّ بين يديه بالفارسية والعربية. فخف على قلب الحجاج. فقال صالح لزاد انفروخ: «إنك أنت سببي إلى الأمير، وأراه قد استخفني (استظرفني)، ولا آمن أن يقدمني عليك، وأن تسقط منزلتك». فقال: «لا تظن ذلك، هو إليّ أحوج مني إليه لأنه لا يجد من يكفيه حسابه غيري»، فقال: «واللَّه لو شئت أن أحول الحساب إلى العربية لحولته»... واتفق أن قُتل زاد انفروخ في فتنة ابن الأشعث، وهو خارج من موضع كان فيه إلى منزله، فاستكتب الحجاج صالحاً مكانه. فأعلمه الذي كان جرى بينه وبين صاحبه في نقل الديوان. فعزم الحجاج على ذلك وقلده صالحاً. فقال له مردانشاه بن زاد انفروخ: «كيف تصنع بدهويه وششويه؟»، قال: «أكتب عشراً ونصف عشر». قال: «كيف تصنع بويد؟» قال: «أكتب: وأيضاً». فقال له: «قطع اللَّه أصلك من الدنيا كما قطعت أصل الفارسية!». وبذلت له الفرس مائة ألف درهم على أن يظهر العجز عن نقل الديوان، فأبى إلاّ نقله، فنقله.. أما الديوان بالشام فكان بالرومية، والذي كان يكتب عليه سرجون بن منصور لمعاوية بن أبي سفيان، ثم منصور بن سرجون. ونقل الديوان في زمن هشام بن عبد الملك، نقله له أبو ثابت سليمان بن سعد مولى حسين. وقام على كتابة الرسائل أيام عبد الملك. وقد قيل إن الديوان نقل في أيام عبد الملك، فإنه أمر سرجون ببعض الأمر فتراخى فيه، فأحفظ عبد الملك، فاستشار سليمان، فقال له: «أنا أنقل الديوان وارتحل منه».
(3) ابن النديم: «الفهرست»، طبعة دار المعرفة المصورة، بيروت بلا تاريخ، ص 338.
(4) هذا بحسب رواية ابن جلجل في «طبقات الأطباء». أما ابن النديم فيسميه ماسرجيس.
(5) التنبيه والإشراف»، ص 108 ـ 109.
(6) السيوطي: «تاريخ الخلفاء»، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، طبعة مصورة بلا تاريخ، ص 269.
(7) فيما يتعلق بمآل العلوم اليونانية، ولا سيما منها الفلسفة، في المسيحية الأولى والنصرانية الرومية، راجع كتابنا: «مصائر الفلسفة بين المسيحية والإسلام»، دار الساقي، بيروت 1998.
(
ابن خلدون: المقدمة، طبعة دار الجيل المصورة، بيروت بلا تاريخ، ص 531.
(9) الفهرست»، ص 168.
(10) المصدر نفسه، ص 339.
(11) انظر موقفه هذا في كتاب «أصول العدل والتوحيد»، المنشور ضمن «رسائل العدل والتوحيد»، تحقيق محمد عمارة، دار الشروق، الطبعة الثانية، القاهرة ـ بيروت 1988، ج1، ص 124. والواقع أن كل نظرية التكليف في الفقه الأصولي تقوم على الأساس نفسه: فليس بمكلف إلاّ من كان ذا عقل. ولكن في الوقت الذي يصادر الأصوليون على هذه القاعدة الفقهية ويضعونها في رأس مسلماتهم، لا يستخلصون منها دلالتها الابستمولوجية على أولوية العقل.
(12) نحن نرفض هنا رفضاً باتاً تفسير المستشرق الألماني الكبير كارل هنريخ بيكر، الذي قبسه عنه محمد عابد الجابري بصورة شبه حرفية، لحلم المأمون على أنه تعبير عن استراتيجية ثقافية استهدفت مكافحة الغنوص الشيعي، ولا سيما الإسماعيلي. أولاً لأن الشيعة نفسها لم تكن تطورت بعد، في مطلع القرن الثالث الهجري، إلى غنوصية، وثانياً لأن الإسماعيلية لم تكن قد رأت في حينه النور، وما كان للمأمون بالتالي أن يرسم «استراتيجية ثقافية» لمكافحة عدو لم يوجد بعد.
(13) الفهرست»، ص 421.
(14) نشير هنا عرضاً إلى أن اسم علم الهندسة بالعربية ينم عن مدى المديونية في هذا المجال للعلم الهندي.
(15) أبو الفرج بن الجوزي: «المنتظم في تاريخ الملوك والأمم»، طبعة دار صادر المصورة عن طبعة دائرة المعارف العثمانية بحيدر ـ أباد، ج7، ص 287.
(16) ابن الأثير: «الكامل»، طبعة دار الكتاب المصورة عن طبعة بولاق، بيروت بلا تاريخ، ج7، ص 335.
(17) نقلاً عن لاجنتس جولد تسيهر: «موقف أهل السنة القدماء بإزاء علوم الأوائل»، في: «التراث اليوناني في الحضارة الإسلامية»، ترجمة عبد الرحمن بدوي، الطبعة الرابعة، ص 136 ـ 137.
(18) صاعد الأندلسي: «طبقات الأمم»، تحقيق حياة العيد بو علوان، دار الطليعة، بيروت 1985، ص 162 ـ 164. وما دمنا بصدد الحديث عن الأندلس والمغرب، فلنذكر أن إحدى العلامات الفارقة الأساسية التي ميّزت التطور الفكري للجناح الغربي من الحضارة العربية الإسلامية عن جناحها الشرقي الانعدام التام فيه لحركة الترجمة إلى العربية، وإن يكن قد شهد بالمقابل حركة ترجمة معاكسة من العربية إلى العبرية، ومنها إلى اللاتينية، مما أسهم في إيقاظ الغرب الأوروبي من سباته القروسطي.
(19) يزري ابن قتيبة في «أدب الكاتب» على «مثقف» عصره لأنه «طال عليه أن ينظر في علم الكتاب، وفي أخبار الرسول (صلّى اللَّه عليه وسلّم) وصحابته، وفي علوم العرب ولغاتها وآدابها، فناصب ذلك وعاداه، وانحرف عنه إلى علم قد سلمه له ولأمثاله المسلِّمون، وقلّ فيه المتناظرون، له ترجمة تروق بلا معنى، واسم يهول بلا جسم. فإذا سمع الغُمر (الرجل غير المجرب) والحدث الغر قوله: الكون والفساد، وسمع الكيان، والكيفية والكمية... راعه ما سمع، وظن أن تحت هذه الألقاب كل فائدة... فإذا طالعها لم يَحْلَ منها بطائل: إنما هو الجوهر يقوم بنفسه، والعرض لا يقوم بنفسه... مع هذيان كثير» (أدب الكاتب)، تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، المكتبة التجارية الكبرى، الطبعة الرابعة، القاهرة 1963، ص 3 ـ 4.
(20) البغدادي: «أصول الدين»، طبعة دار الكتب العلمية المصورة عن طبعة دار الفنون التركية باستانبول، الطبعة الثالثة، بيروت 1981، ص 319.
(21) الغزالي: «تهافت الفلاسفة»، تحقيق موريس بويج، دار المشرق، الطبعة الثالثة، بيروت 1986، ص 254.
(22) هذا تسفيه موجه مباشرة إلى الغزالي، كما إلى ابن حزم الأندلسي الذي كان سبقه إلى «تشريع» المنطق.
(23) نقلا عن: «التراث اليوناني في الحضارة الإسلامية»، ص 160 ـ 162.
(24) ابن تيمية: «نقض المنطق»، تحقيق محمد حمزة وسليمان الصنيع، مكتبة السنة المحمدية، القاهرة 1951، ص 19.
(25) السيوطي: «صون المنطق والكلام عن فني المنطق والكلام»، تحقيق علي سامي النشار وسعاد علي عبد الرزاق، مجمع البحوث الإسلامية، القاهرة 1970، ص 41 ـ 42.
(26) المصدر نفسه، ص 39.
(27) المصدر نفسه، ص 41.
(28) فيما يتعلق بتفاصيل قمع «كتب اليونان» وعلومهم الفلسفية في الدولة الرومية، وفي المسيحية الأولى بصورة أعم، انظر كتابنا: «مصائر الفلسفة بين المسيحية والإسلام»، ص 25 ـ 66.
(29) صون المنطق والكلام»، ص 39 ـ 41.
(30) المصدر نفسه، ص 48. ونقول: «قُوِّل» الشافعي ـ ولم «يقل» ـ لأنه بكل بساطة توفي سنة 204هـ، والمأمون الذي تولى الخلافة في ذلك العام بالضبط لم يظهر القول بخلق القرآن ـ كما تجمع المصادر التاريخية ـ إلاّ سنة 212هـ.
(31) المقدمة»، المصدر نفسه، ص 570.
(32) المصدر نفسه، ص 530 ـ 531.
(33) المصدر نفسه، ص 574.
(34) المصدر نفسه، ص 532.
(35) ربما خلا كتاب «نصيحة الملوك» للغزالي، الذي نقله أحد تلاميذه من الفارسية إلى العربية، وكذلك «شاهنامه» الفرودسي، الذي نقله إلى العربية علي البغدادي في القرن السابع الهجري بدون أن يأخذ طريقه إلى النشر الفعلي، أي إلى النساخين في حينه
* من كتاب "هرطقات" الصادر عن "دار الساقي
http://<br /> <br />
http://www.me...g...in_islam.h tm